ST - George
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دعوة إلى وليمة

اذهب الى الأسفل

دعوة إلى وليمة Empty دعوة إلى وليمة

مُساهمة  Love Forever الثلاثاء مايو 06, 2008 8:17 pm

من أروع ما قرأت
كتاب اجراء وابناء وكتاب عين الماء

من اهم معالم الادب القبطي وبنصح اخوتي الاعضاء بقرائتهم


اعداد راهب من دير البراموس
حالياً نيافة الانبا مكاريوس الاسقف العام

من كتاب اجراء وابناء

دعوة إلى وليمة

فى بطء شديد خرج الراهب الشيخ من باب قلايته الملاصقة للكنيسة ، خرج يتحسس طريقه ، يحمل معه عبء الستين عاماً ويجر ما خلفت له من أمراض مختلفة .
يلوح بعصاه بلطف ذات اليمين و ذات اليسار علها ترتطم بشئ فيتعرف على طريقه

وربما ليتأكد أنه ليس هناك ما يصطدم به .
وقبل ان يمشى بعض خطوات هرع إليه راهب شاب ، لثم يده وسأله إلام يحتاج ؟ ثم قاده فى اشفاق وابتسامة مشرقة على ثغره حتى وصل به إلى ( مصطبة ) قريبة أجلسه فوقها برفق ثم أستأذنه فى الانصراف وهو يطلب إليه أن يدعو له وقال الشيخ عبارته المشهورة :
( الله يساعدك على خلاص نفسك ).
وفى جلسته لا يبد حراكاً . لا شئ سوى صوته الذى يرتفع بين الفينة والفينة ، مرددا مديحة قديمة ورثها عن الذين سبقوه او ترنيمة حملها معه من قريته ، وهو فى ذلك له طريقة مؤثرة فقد جمع صوته الحانى بين رنتى الحزن والفرح معا ، ويشعر كل من يسمعه أن الصوت قادم من بعيد ، بعيد جدا ! من الأبدية .
يشعر أنه يرنم هناك . فوق ثم يصل الصوت إلى الذين يسمعون عبر كثافة ثقيلة من الزمن والمادة.
ثم أنه لا يهدى مديحه إلى آخر , ولا يروم إلا لذة التسبيح , يدخل بها فى هدوء إلى المحفل الإلهى .
كما ان ترتيله له خاصة عجيبة فهو يبكت ويشجع فى آن

ويمضى الوقت 000 وهو لا يعرف الساعة ... ولا المواعيد ، ولا يستطيع ان يفرق بين الليل والنهار ، فإذا دق ناقوص الكنيسة صحبوه إلى هناك وإذا دق ناقوص المائدة صحبوه إلى المائدة ! لا يسأل عن الساعة ثم أنه لا يعرف مكاناً فى الدير أقصد لا يعرف كيف يصل إلى أى مرفق من مرافق الدير دون مساعدة آخر
إنه محمول على عناية الله ورعايته ...
وتطول جلسته على( المصطبة ) فينهض بنفس البطء والهدوء ويتأهب لرحلة الرجوع وطولها عشرون متراً فقط ، حتى يصل إلى قلايته ، نفس العمل الشاق ويلمحه راهب آخر ويتطوع بمرافقته إلى القلاية ...

فإذا جاء موعد النوم آتى راهب شاب يعينه رئيس الدير لخدمته يفتح هذا باب قلاية الشيخ فى هدوء ليطمئن إلى مرقد الشيخ ثم يطلب بركته وصلواته و يخرج ثم يغلق الباب من الخارج ..

إلى أن يحين موعد ناقوس صلوات تسبحة نصف الليل , فيعود إلى القلاية ليصحبه إلى الكنيسة يضع يده فى يد الأب الشيخ ويقتاده فى صمت مطبق إلى هناك والشيخ فى هذا وذاك مطمئن لا يسأل ولا يستفسر ، فهو يعرف أنه يقضون له حاجاته عندما يحين موعدها ، وهو موقن أنه بين يدى اخوته التى سبقت فأيدتها يد الله الأمينة.
كل وجبة طعام عندما يدق الناقوص يأتى الراهب ويصحبه من يده ويتجه به إلى المائدة يجلس ويأكل من يده فى صمت من يده , ثم يذهب معه ليغسل يديه وفمه ويناوله فنجان الشاى ثم يرجع مصحوباً به إلى قلايته أو إلى جلسته فوق المصطبة ، كذلك عندما يحين الوقت الأسبوعى يحضر نفس الراهب ويعد له حمامه ويغسل له ملابسه . وبالجملة يصبح الراهب الذى يخدم الشيخ بمثابة عين له .

ويدق ناقوس نصف الليل ذات يوم كعادته الساعة الرابعة من كل صباح ويمضى الراهب الشاب إلى قلاية الشيخ ويدفع بابها برفق ويناديه :
- هيا يا أبى فقد دق الناقوس ، بنا إلى الكنيسة لنسبح .
- اى ناقوس وأى تسبحة .
الراهب فى صبر واضح :
- ناقوس تسبحة نصف الليل .
- باركك الله يا ولدى لعلك نسيت أو تحلم .
- ابدًا يا ابى .
- كيف ذلك يا إبنى وقد دق الناقوص منذ ساعات وذهبت إلى الكنيسة .
الراهب الشاب مداعباً :
أى ناقوس وأية كنيسة ؟
- لقد سبحت وصليت القداس .
- رباه .. انت تحلم ما فى ذلك من شك .
- ابداً صدقنى , لقد كان القداس جميلاً ، لا أذكر انى تعزيت مثلما شعرت بالتعزية هذا الصباح , ولكن قل لى ألم تأت أنت وصحبتنى إلى وصحبتنى إلى الكنيسة ؟
وأسف الراهب الشاب فى نفسه ورشم ذاته بعلامة الصليب , وأعتقد أن الشيخ قد لفحه هوس مفاجئ أو أن الأمر اختلط عليه ، إنه لم يسأل مرة واحدة عن الساعة أو ( الوقت ) أو الناقوس ، بل قد تمضى ساعات وهو جالس لا يدرى كم مضى من الوقت ..
ومد يده ليلتقط يد الشيخ ولكن الشيخ سحب يده وزجره فى براءة وعاد ليقول :
- كان القداس جميلاً كذلك الأب الذى صلى كان صوته ملائكياً ، ألا تصدقنى ؟ لقد تناولت من السر المقدس .
وتذرع الراهب بالصبر الذى تعلمه من بطء الشيخ , وهم أن يعيده إلى صوابه ولكن الشيخ مد يده فى هدوء فشد طرف ثوبه ليفسح ليده مكاناً فى جيبه , ثم بعد مجهود قليل أخرج قطعة
(أولوجية) لقمة بركة ثم دفعها إلى الراهب الذى إنحنى بدوره وإلتقطها بأصابعه ، فإذا بها طازجة فى حين أنهم حتى تلك الساعة من الصباح لم يكونوا قد قاموا بصنع القربان بعد .

واندهش أيما اندهاش , وصمت قليلا , ثم عاد ليقول للشيخ : ارو لى ما حدث بالتدقيق .
أجاب الشيخ : ليس هناك أكثر مما قلت لك , ولكن لماذا لم تأت معنا ؟ واضح انه صحبنى راهب آخر غيرك ، لماذا نمت حتى الآن ...

ولم يرد الراهب ، ولكنه انطلق إلى أب الدير يروى له ما سمعه وهو يلهث ، ويفطن الأب إلى ما حدث فيصحب بعض الآباء إلى الكنيسة الأثرية الكائنة تحت الأرض ، ليفاجأوا هناك بالبخور يعبئ المكان والأوانى متروكة على المذبح دون أن تجمع وقطرات من الماء فوق المذبح أمام كرسي الكأس .

وعاد الآباء وقد غمرتهم الفرحة وشملتهم التعزية إلى قلاية الشيخ , يشرحون له ما حدث ، ويتلقى الشيخ الكلام بهدوء عجيب وصمت مطبق ,
خال من الدهشة ، ولم يسأل عن شئ بل هز رأسه قليلاً .

هذه الواقعة رواها لى الشيخ نفسه قبل نياحته بعشر سنوات .

و اسم الشيخ الأب الراهب / اندرواس الصموئيلى .
Love Forever
Love Forever

انثى عدد الرسائل : 86
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 12/01/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى