ST - George
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حب أعظم

اذهب الى الأسفل

حب أعظم Empty حب أعظم

مُساهمة  rina الثلاثاء مايو 06, 2008 9:56 pm

هل سمعتم عن " إيهاب ب " ؟
إذاً فأنتم كذلك لا تعرفون الراهب افلوجيوس.

لا بأس فى ذلك فقد عزمت على أن أروى لكم ما حدث مع إيهاب هذا.

فبينما هو يخطط ويحاور ويناور ، كان الرب يعمل بصورة خفية ، من أجل تأمين مستقبله ، وتحقيق مشيئته فيه.
ايهاب طالب بطب قصر العينى.
و "إيناس" فى نفس الكلية بل فى نفس ال
Round
وتعلقت نفس إيهاب بها وأحبها من كل قلبه ، وكثيراً
ما منى نفسه بأن تشاركه حياته مستقبلاً ، وفى ذلك البيت يستضيفا المسيح ويصنعا له عرشاً جميلاً فى قلبيهما قبل منزلهما ، ليبارك ذلك البيت ويصبح له فيه نصيب الأسد ، يملأ حياتهما ويقدس أفكارهما ، ويتقبل منهما أولادهما هدية مرضية ، ويصلا معاً عن طريق الجسد الواحد إلى الفكر الواحد والقلب الواحد لتحقيق الهدف الواحد ، ألا وهو محبتها للمسيح .وبات يحلم بذلك ويتعجل الوقت لتحقيق هذة الأمنية.

فى الوقت ذاته ، كانت ( إيناس ) تتردد على أحد أديرة الراهبات بمصر القديمة ، وتقضى بعض أجازتها كخلوة روحية فيه ، تجلس مع الأمهات تحكى لهن عن العثرات فى الكلية ، وتشتكى من بعض الفتيات المستهترات ، وعن غياب المسيح من الأسرة الجامعية ، والعالم الشرير و مخافة الله التى قلّت فى القلوب.

وباتت تمنى نفسها بحياة تخلو مما لا تتمناه ، وكيف ستحبس ذاتها فى القلاية الصغيرة البسيطة ، وكيف ستكون تلك القلاية أجمل وأوسع من شقة فاخرة يغريها بها شاب يتقدم للإرتباط بها..

وسوف تسهر فى القلاية كل ليلة حتى موعد التسبحة ، وسوف يكون خروجها نادراً .. تقرأ وتصلى وتتأمل وتدرس ، حيث ستكون الفرصة متاحة، لاسيما وأن ظروف الدراسة وكذلك ظروف سكن العائلة لايمكنانها من الإختلاء كثيراً بنفسها مع الله.

وكانت تقول بين الحين والحين : متى يأتى ذلك اليوم الذى تنتهى فيه ( سنة الامتياز ) لكى أنطلق إلى الدير أمكث فيه ولا أتركه وأنعم فيه بالدفء الروحى ، وأنهل من نبع الحكمة والفضيلة ، وأترك العالم لأولئك الذين يستطيعون العيش فيه.

ولم يستطع إيهاب أن يفاتح إيناس فى رغبته ، قبل نتيجة البكالوريوس ، حتى إذا ظهرت ونجح كليهما ، تشجع وصارحها برغبته فى الارتباط بها .. وظهرت فرحتها بذلك ولم يقدر خجلها على إخفائها ، ولكنها قالت كمن أعدت الإجابة مسبقاً : ( أرجو أن تناقش هذا الأمر مع أب إعترافها ) ثم دلته عليه فى إحدى كنائس شبرا .

وهناك صارحه أب اعترافها بأنها تفكر منذ سنوات فى الرهبنة . وأنها تتردد على الدير منذ فترة بعيدة أيضاً ، وأنه يبارك هذا القرار لاسيما وأن الأمهات هناك يشعرن بارتياح تجاه رغبتها هذة.

صُدم ، وعاد إلى بيته وأغلق على نفسه باب حجرته .وصلى باكياً إذ لم يكن يعرف ماذا يصنع ، لاسيما وأنه قد علق أمان كثيرة على هذا الأمر ، وهو أيضاً وإن كان يرغب بقوة فى الفوز بها ، إلا أنه فى ذات الوقت لا يريد الوقوف أمام رغبتها المقدسة لئلا يُلام ولئلا يدان كذلك.

وصلى كثيراً ...وتأثر...واستراح إلى فكرة أخرى ، ألا وهى أن يذهب إلى والدها ليتكلم معه ويسمع رأيه فى هذا الأمر . وهناك وجده حزيناً .حائراً ...مكدود الفكر ،لكونه لم يستطيع أن يثنى ابنته عن عزمها ، لقد حاول معها بشتى الطرق ، وبإغراءات كثيرة.

وعرف كذلك إن كثيرين قبله تقدموا لها ، ولكنها اعتذرت بحجة عدم تناسب الوقت .إلى أن صارحت أسرتها بعزمها على الالتحاق بالدير.

ومع ذلك فقد فرح والدها عندما أحس أن " إيهاب " يعرض مساعدته فى هذا الشأن.
وأعاد الكرّة وحاول معها....ولكنها كانت مسبية بفكر الرهبنة الذى اختمر فى ذهنها ... وكانت تتكلم عن الدير والحياة النسكية بطريقة ( محمومة )أكثر مما لو كانت تتكلم عن شاب سوف تتزوجه.

ومرت شهور الامتياز شهر بعد آخر وقررت أن تولى ظهرها للعالم ميممة شطر الدير ، واختارت صباح أحد الأيام لتجعله آخر يوم لها فى العالم ، وانطلقت لتختفى عن صخب العالم وضجيجه فى الدير . وتأثر إيهاب جداً ، وبات يفكر فيما حدث كلما خلا إلى نفسه ، وحاول تعليل ذهابها إلى الدير (لتموت) هناك كما عبرت له إحدى الأمهات ذات مرة، وعاد ليسأل نفسه : ولماذا تنسلخ من العالم وهى مازالت غضة ، كوردة متفتحة على العالم ، ولماذا تحرم ذاتها لذات كثيرة وخيرات متعددة.....

ترى ماذا فى الدير ، وفى الرهبنة أجمل من الزواج ومباهج العالم ، أما كان يمكنها الجمع بين الزواج والمسيح.
وهدّه التفكير.. وانقطع أياماً عن الطعام والحديث مع الأخرين ...ثم هداه تفكيره إلى أنه سيحاول مقابلتها فى الدير والتحدث معها ..ليس ليثنيها عن عزمها ، وإنما ليستوضح الأمر منها.

وهناك لم يستطع مقابلتها ، بل نصحته الأم الرئيسة بعدم تكرار المحاولة ، كذلك تحدثت معه عن خلاص نفسه واهتمامه بمستقبله الأبدى ، وعدم التشويش على أفكار ( إيناس ) بل عليه أن يصلى لأجلها إن كان يحبها محبة حقيقية ويطلب لها من الرب ثباتها فى الرهبنة.

ولم يفكر فى الاقتران بسواها ..بل راح يسأل كل من يقابله من كهنة ورهبان عن رأيه فى هذا الأمر ..إلى أن نصحه أحد الرهبان بقضاء فترة خلوة بأحد الأديرة .. وتحدث مع الأباء هناك عن متاعبه وعثرته فيما حدث واستراح قليلاً ، ووضحت أمامه بعض النقاط الغامضة ، وهنىء بالليلة التى باتها هناك ، وعاد مرة أخرى بعد شهرين إلى وادى النطرون.

وجعل تردده يزداد .. فأصبح يرتاد الدير مرة كل أسبوع ، وشعر بمحبة الأباء وحنوهم ، وأحبهم هو بدوره ، كذلك شغف ببستان الرهبان وسير الأباء.

وفى شهر مارس وخلال الصوم الكبير استطاع الحصول على أجازة مدتها ثمانية أيام ، قضاها بالدير وعدّها أجمل ثمانية أيام فى حياته، وأحس الأباء بأنه شاب مبارك ، وإناء مقدس للعمل النسكى ، كذلك أحس هو ( بجنين رهبانى ) يتحرك فى أحشائه ، ونما هذا الجنين ، وغذاه هو بالخلوات و القراءات ، وصلى كثيراً لأجله وأخذ مشورة آباء كثيرين مختبرين .

وكفّ عن متابعة أخبار ( إيناس ) ، بل لم يأبه كثيراً عند سماعه بخبر إرتحال أسرتها إلى مسكن آخر بأبى قرقاص ، وإنما صلى ذات مرة لأجلها ليحفظها الرب ويخلص نفسها ويعدها للملكوت.
وغشى فكر الرهبنة حياته ، وتحددت به كل آماله القريبة كقنطرة يعبر بها إلى الميناء الأبدى.
وزهد فى كل شىء.....

وأخيراً قرر مع القائمين على الدير ومع أب اعترافه ، الالتحاق بالدير ، وأقبل على حياته الجديدة بفرح وشهية دائمة ، وكان كلما تذكر قصته مع ( إيناس ) ضحك من نفسه وشكر الله الذى كان يقوده فى درب الخلاص والمجد ، بل وشكر ذهابها إلى الدير واعتبره أحد أسباب رهبنته ...وأخيراً نسى أمرها كلّية .

وفى السنة الثانية لرهبنته ، وبينما كان أمام ( الفرن ) يصنع الخبز ، قيل له هوذا بعض أقاربك يسألون عنك ، فلما إنتهى من إتمام عمله مضى إلى دار الضيافة ليلمح عن بعد ، رجل وزوجته ومعهما طفلتهما الصغيرة ، أتدرى من كانوا أولئك الضيوف؟

لقد فوجىء هناك بـ " إيناس " وزوجها اللبنانى ( غسان زاهد ) وطفلتهما مارجريتا البالغة من العمر ثلاث سنوات!!!

وروت له ما حدث معها فى شجاعة وبساطة ، فقد تركت الدير فى السنة الثانية لالتحاقها به ، إذ اكتشفت مع الأمهات هناك ، أن الرهبنة ليست طريقها ، وأنها لم تصارح أب اعترافها بكل شىء ، وأنها كانت مسبيّة بفكر الرهبنة .

ورأت أنه من غير الحكمة أن تضيع وقتها فى الدير دون ثمر، بل الأفضل لها أن تحيا حياة طبيعية فى العالم ، وتثمر أكثر مما لو عاشت فى الدير متغصبّة ، وسافرت مع زوجها إلى لبنان...

ومرت سنة واحدة على هذة الزيارة.

وعندما عادت لتزوره مرة أخرى مع زوجها وابنتها عندما كانوا فى زيارة للقاهرة ، اعتذر الأب افلوجيوس عن مقابلتهم لأن ذلك اليوم كان من الأيام التى لا يخرج فيها من قلايته.

ورأت هى بالتالى أنه من اللائق ألا تزعجه بالزيارة فيما بعد ، واكتفت بأن تركت له بطاقة تحمل إسمها ، ومن الخلف كتبت له ترجوه ألا يكف عن الصلاة لأجلها ولأجل مشاكلها الأسرية ... ولكى يحفظهم الرب ويقبل حياتهم ذبيحة حب مرضية أمامه.
وفى القلاية قرأ الأب افلوجيوس البطاقة ثم مزقها فى هدوء وقام ليصلى عنهم وعن الآخرين.
rina
rina

انثى عدد الرسائل : 69
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 09/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى