ST - George
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأعـظم هـو من يـخـدم

اذهب الى الأسفل

الأعـظم هـو من يـخـدم Empty الأعـظم هـو من يـخـدم

مُساهمة  rina الإثنين مارس 31, 2008 10:57 pm

تولي أحد ضباط الصف قيادة مجموعة من المجندين كلفت بإنشاء بعض التحصينات العسكرية في أثناء الثورة الأمريكية . فكان يصرخ ويزجر ، بغطرسة وتصلف ، وهو يلقي بأوامره إلى الجنود الذين في عهدته ، محاولاً حملهم على رفع عارضة خشبية ثقيلة ، بينما الأمر يحتاج إلى مساعدة إضافية من شخص آخر .

وبينما الرجال يجاهدون عبثا لرفع العارضة من مكانها ، توقف عابر سبيل ، تلوح منه سيماء العظمة والجلال ، وسأل ضابط الصف عن سبب عدم مساعدته لرجاله .
رفع ضابط الصف رأسه بتعال ، ومـد عـنقه بكبرياء ، ونفخ صدره كأنه إمبراطور، وأجابه : " أنا عريف يا سيدي ! ".

قال عابر السبيل : " أعريف أنت ؟! ... آسف لم ألاحظ ذلك " . ثم رفع قبعته وانحني قائلا : " عفوك أيها العريف ! "

ثم خلع ذلك الغريب معـطفه ، وانحني وساعد العسكر على رفع العارضة الثقيلة وتثبيتها . وبعد إنجاز العمل ، ارتدي معطفه وقبعته ، والتفت إلى ضابط الصف وقال :

"" أيها السيد الـعريف ،عندما يكون لديك عمل آخر كهذا ، ولا يكون عندك رجال يكفيك عددهم ، فأرسل خبرا إلى قائدك الأعلى, أنا آتي وأساعدك مرة أخرى. ""

بهت العريف وانعقد لسانه من فرط الذهول والخوف ، فالرجل الذي كان يكلمه ما هو إلا الجنرال "جورج واشنطن" نفسه ! القائد الأعلى للقوات العسكرية ، وبطل حرب الاستقلال الأمريكية (1775– 1783) . وأول رئيس للولايات المتحدة (1789–1797) ، وواحد من أعظم الرجال في التاريخ (1732 –1769).

أيها الأحباء ... إن الله يقيس العظمة بمقدار الخدمة . والعظمة الحقيقية لا تتحقق بالتعالي والترأس على الآخرين وإصدار الأوامر ، بل بالخدمة المضحية الباذلة المكلفة . والرب يسوع هو قدوتنا ومثالنا الأسمى في هذا الشأن . فعندما كانت بين تلاميذه مشاجرة من منهم يظن أنه يكون أكبر. قال لهم "أنا بينكم كالذي يخدم " (لو22 : 24–27). فمع أنه يستحق كل إكرام وسجود وتعبد من الجميع ، فإنه قبل أن يأتي إلى عالمنا إنسانا في كل ما هو للإنسان ، مخليا نفسه من هالة المجد . مستترا في الناسوت الذي تهيأ له ، وساتراً صورة الله تحت صورة العبد ، وأعلن أنه " لم يأت ليخدم بل ليخدم . وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " (مت28:20).

لقد كان له مقام السيادة والسلطان ولكنه تنازل ليشغل مقام الخادم . فأعطانا قدوة عجيبة .

ويا لروعة المظهر الذي يظهر به ربنا المبارك في إنجيل يوحنا 13 : 1 – 10 !! هو مظهر مملوء من النعمة . فنراه حاملا مغسلا ، ومتزرا بمشيئة ، ومنحنيا ليغسل أرجل تلاميذه . نعم . إن " يسوع " ابن الله ، خالق الكون وحامله . هو الذي نراه هنا يضع يديه الطاهرتين على أقدام تلاميذه ليغسلها من كل ما لصق بها من الأقذار حتى تلك التي لم يشعروا بها . ولو تأملنا في مركز ومجد الشخص القائم بهذا العمل لتجلت أمام عيوننا النعمة الغنية التي انطوي عليها صنيعه هذا . فالمكان الذي أتي منه الرب يسوع لا يوجد أسمي منه . وأقدام البشر القذرة لا يوجد أدنى منها .

والرب يسوع المسيح وهو يغسل أرجل التلاميذ لم يكن قد غاب عن باله أن الآب قد دفع كل شئ إلى يديه ، ولا أنه من عند الله خرج ، وإلى الله يمضي ، بل كان مثبتاً من ذلك تماما ( يو 13 : 3 – 5 ) ... فيالها من نعمة غنية !! فالشخص الذي له كل السلطان في يده ، هو نفس الشخص الذي عنده كل المحبة في قلبه ، وهكذا حدث أنه بدافع المحبة في قلبه أخذ بنفس اليدين اللتين فيهما كل القوة أرجل تلاميذه التي اتسخت في الطريق .

فياللروعة !! وياللعظمة !! إن الشخص الذي هو السيد على الكل صار الخادم للكل ، فما أجمل لطف " ربي وإلهي " ! وما أروعه في وداعته وتواضعه ! ويا ليت الرب يقودنا إلى التأمل العميق في قيمة هذا الأمر حتى نستطيع أن نتبع المثال الذي يقدمه لنا فيه حيث يقول :

" لأني أعطيتكم مثالا ، حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضا "
( يو 13 : 15).

أيها الأحباء ... يليق بأبناء هذا العالم أن يترأسوا بعضهم على بعض ، كل واحد بحسب رتبته ومكانته الاجتماعية ومركزه العالمي ، ولا غرابة في ذلك ، لأن هذا من نظام العالم الحاضر " أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودنهم ، والعظماء يتسلطون عليه " ( مت 20 : 25 ) . ولكن الرب يسوع المسيح بدأ نظاما آخر يقتضي أن نتصرف فيه بخلاف روح العالم تماما " فلا يكون هذا فيكم . بل من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما ، ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا " ( مت 20 : 26 و 27 ) ، فيجب أن لا يوجد موضع في كنيسة الله للتسلط العالمي " بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر ، والمتقدم كالخادم " ( لو 22 : 26 ) و " بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا " ( غل 5 : 13 ).

وصحيح أنه توجد درجات متفاوتة من التقدم الروحي ، ولكننا إنما نظهر تقدمنا الروحي بالتواضع والوداعة والتضحية وإنكار الذات وخدمة الآخرين بالمحبة " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا " ( في 2 : 5 ) ويا ليت الرب يعطينا نعمة لتتبع خطواته . فمن اقتفي أثر خطواته فاز أكثر بالعظمة الحقيقية من قبل الله .
rina
rina

انثى عدد الرسائل : 69
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 09/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى